عن مايكروسوفت أتحدث: أسباب فشل ستيف بالمر

عن مايكروسوفت أتحدث: أسباب فشل ستيف بالمر


 عن مايكروسوفت أتحدث: أسباب فشل ستيف بالمر
ستيف بالمر
” وداعاً “ هي كلمة من القلب إلى ستيف بالمر – الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت – وذلك بعد أن أعلن في صباح اليوم أنه سيتقاعد في غضون الأشْهُر الاثني عشر المُقْبِلَة، الأمر الذي ارتفعت لأجله أسْهُم الشركة بقيمة 9% لسعر السَّهم الواحد، بالمر الآن بقيمة ما يقْرُب من مليار دولار زيادة عَمّا كانت عليه الشركة يوم الخميس، وبالرَّغم من ذلك، كلمة الوادع من مايكروسوفت – أو مِنِّي – ليس بالضَّرُورة أن تُعَبّر عن الحزن والافتقاد، بل رُبَّمَا تعني العكس تماماً!
تَوَلّى بالمر قيادة شركة مايكروسوفت في عام 2000، وكانت عملاقة التكنولوجيا حينها واحدة من الشركات الأقوى والأكثر رُعْبَاً في العالم، حيث بلغت قيمتها السوقية نحو 500 مليار دولار، إنها أعلى الشركات قيمة على وجه الأرض!، وأدّى ذلك إلى جعل بعض المطورين يُشيرون إلى مايكروسوفت أنها ” إمبراطوريّة الشَرّ “، وبينما هو يُغَادِرها، كان الظلام قد استحوذ على الشركة، نعم لا يزال من خلال منصبهِ يُدِرُّ إليها بالمال، لكن الأمور كانت ساءت عن ذي قبل.
ما الأخطاء التي جَرَت آنذاك؟ كبداية، حاول بالمر أن يَظْهَرَ بمظهرِ التفكير المُضاد لستيف جوبز، وقد أثبت ذلك بالفعل! لقد أخطأ في كلِّ اتِّجَاه سار إليه في مجال التقنية الرئيسية، وجعل ابتكاراته تُنَفِّر الناس، عندما حاول القيام بصناعة شيئاً جديداً، مثل ويندوز فيستا، اصطفت الجماهير – أظن أنني كنت من بينهم – للخوض في فشل النظام والهروب منه كأنه الجحيم، وكذلك فكرة الشبكة الاجتماعية التي باءت بالفشل المُريع، وأضاف بالمر على هذه الطوام إساءة تقديره تماماً حول الآيفون والآيباد، كانت هُناك أيضاً سياسة التعقيد في تصميم مُنتجات الشركة في الوقت الذي تَحَوَّل فيه الجميع نحو البساطة، لتدخل مايكروسوفت إلى الأسواق المتنامية بعد فواتِ الأوان، هل يتذكر أحدكم مُنْذُ متى كانت آخر مرة استخدمتم فيها بينج؟! في عام 2000، كانت مُعْظَم أرباح مايكروسوفت حقَّقَتها من بيع برمجيّات أوفيس وويندوز، واليوم، فإنها لا تزال تحصل على أموالها بالطريقة نفسها، لقد كان عَهْد بالمر فيه ما فيه من الأمور التي جعلت مايكروسوفت غير فَعّالة وبعيدة تماماً عمّا كان يأمل لها الجميع.
وعانت الشركة بعد ذلك من مُعضِلة ومأزق المبتكرات الكلاسيكيّة، فقط باستثناء البرمجيّات التي تقومون بتشغيلها على سطح المكتب الخاص بكم، وكما انتقلنا نحنُ بعيداً عن “مكاتبنا” إلى السّحاب والأجهزة المحمولة، تدحرجت مايكروسوفت ببطء شيئاً فشيئاً إلى هذا المنعطف، فإنها ترددت في تَبَنِّي الخدمات السحابيّة، وترددت في إنشاء أي شيء لا يعمل مع ويندوز، وفي عام 2005، تعاقدت الشركة مع راي أوزي – المُبرمج الأسطوري – من أجل حَلِّ هذه المشكلة، لكنّه سُرْعَان ما غادر في 2010، وكانت مايكروسوفت حينها قد أنشئت نظام الألعاب المُتَألِّق الخاص بها من الناحية الفنية، وأجهزة إكس بوكس ون التي تم إطلاقها مؤخَّرَاً تستند بشكل كامل على الخدمات السحابية، وتعتبر مُنفصلة تماماً عن أجزاء الشركة التي تَدُرّ عليها بالمال.
كتب كورت إتشينولد في مجلة فانيتي فير Vanity Fair أن ” بالمر كما نعلم هو شخص مهووس شديد التَّعَرّق كما شاهدناه من قبل، وغالباً ما تسبَّب في جلب المشاكل، فشل في أن يكون مديراً كبيراً، أو حتى أن يكون أشبه بذلك، إنه شخص ‘مُدَمِّر’ “، وأضاف إتشينولد أن ” مايكروسوفت تستخدم مُنذ فترة طويلة نظام للتقييم يُدْعَى stack rating، حيثُ يتم الحُكم على أداء كل عضو من أعضاء الشركة بالنسبة لأقرانه، إذا كان أحدهم يعمل مع فريق مُكَوّن من عشرة أشخاص، عليه معرفة أن النتيجة لابُدّ أن يكون هُناك اثنين من زُملائه سيحصُلان على تقييمات رائعة، وسبعة سيجتازون الأمر، وواحد من شأنه أن يفشل، وكل موظّفي مايكروسوفت الحاليين والسَّابقين الذين قابلتهم – كل واحد فيهم – أشار على أن هذا النظام كان الأكثر تدميراً داخل مايكروسوفت “.
ما الذي سيحصل عليه بالمر بعد ذلك؟ لديه الآن 57 عاماً، ولكن أظنّه سيهنأ ببعض السكينة عمّا هو عليه الآن، رُبما سيقوم بالأعمال الخيريّة، أو أن يتخلّى عن ثروته، لكن السؤال الأهم: ما الذي ستحصل عليه مايكروسوفت بعد ذلك؟ إنها الشركة التي أسَّسَها الطالب الذكي – جيتس – وكَرَّس جُهدَه من أجلها، والتي تُوَفِّر برمجيّات تُستخدم في جميع أنحاء العالم، أن ترتفع الشركة بعد الانخفاض الذي هي فيه الآن في هذا المجال الذي يتغيّر يوماً بعد يوم، لن يكون الأمر سهلاً بالطبع، مايكروسوفت بحاجة على شخص يستطيع أن يجذب المطوّرين المُحترفين، فضلاً عن كونه لديه نظرة سَبَّاقة إلى المُستقبل.
إنهم بحاجة إلى شخص مختلف جداً عن بالمر، الذي كتب في مذكّرته إلى مُوَظَّفِي الشركة ” أعتز بمايكروسوفت، وأتطلّع إلى الاستمرار كأحد أكبر مالكيها”، ونظراً لحجم حصَّته المالية الضخم في الشركة، يكاد ألا يكون هناك من يريد رئيس تنفيذي رائع.. أكثر من بالمر نفسه!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انواع الطباعه فى شركات الدعايه والاعلان

خطة تعلم التصميم